عطفاً على ما هو متوفر من موارد زراعية هائلة و مناخات متعددة , علاوة على الحاجة المتزايدة للمنتجات الزراعية ذات الجودة العالية و التزايد السكانى المضطرد , فإن السودان يعتبر من الدول المستهلكة للتقانات الزراعية المتطورة لزيادة الناتج الزراعى و تحسين نوعيته . و بناءً على ذلك فقد داب السودان من قبل و بعد إستقلاله سياسياً على إنشاء العديد من المؤسسات و الهيئات الزراعية التعليمية و البحثية و الإرشادية التى تحقق له إستدامة النمو الزراعى فى مجالى الزراعة من ناحية عامة و الزراعة المروية على وجه الخصوص , ثم تلا ذلك إنشاء مشروع الجزيرة فى بداية العشرينات من القرن الواحد و عشرين . تمثلت هذه المؤسسات فى الوحدات المعنية بإدارة و تسيير أعمال الزراعة , و التى تطورت مع مرور الزمن إلى وزارة الزراعة و مجلس إدارة مشروع الجزيرة و عدد من الهيئات الإدارية للمشاريع الزراعية القائمة و هيئة البحوث الزراعية، و على نفس السياق شهد الثلث الأول من القرن العشرين إنشاء بعض المؤسسات التعليمية فى مجال الزراعة مثل المدرسة العليا للزراعة التى تطورت لاحقاً لتصبح كلية للزراعة بجامعة الخرطوم , و بعد فترة لاحقة تم إنشاء معهد شمبات الزراعى .
بعد مرور فترة من الزمن، أى منذ النصف الثانى للقرن العشرين إزدادت الأهمية الإقتصادية للقطاع الزراعى نتيجة لزيادة مؤسسات الإنتاج الزراعى و التوسع فى المساحات المزروعة فى القطاعين المطرى و المروى و نمو مساهمة الإنتاج الزراعى فى الناتج الإجمالى المحلى، و حتى يمكن الإيفاء بمتطلبات القطاع الزراعى المضطرد النمو من الإختصاصيين والفنيين و الباحثين الزراعيين، تم إنشاء جامعة الجزيرة فى عام 1975 و كانت كلية العلوم الزراعية من الكليات الرائدة فى الجامعة الوليدة آنذاك، بل كانت و ما زالت فلسفة الجامعة تنص على أنها جامعة مجتمعية التوجه خاصة نحو المجتمع الريفى، و من ذلك الحين بذلت كلية العلوم الزراعية جهوداً مقدره فى مجالات التعليم و التدريب و البحث و التطوير للإيفاء بواجباتها نحو مجتمعها، و فى هذا الخصوص فقد تمكنت كلية العلوم الزراعية من تخريج اكثر من 35 دفعة من الخريجين فى مستوى البكالريوس، و قامت بتدريب آلاف الدارسين فى مستويات الماجستير و الدكتوراه , و قد تولى جل هؤلاء الخريجين مهام العمل الزراعى التنفيذى و التعليمى و البحثى و الإرشادى فى المؤسسات المعنية بهذه المجالات فى كل بقاع السودان و كذلك فى العديد من دول الجوار و الدول الشقيقة و المؤسسات الإقليمية و العالمية .
و بمرور الزمن و تتابع التغيرات البيئية و الإقتصادية داخل السودان و فى محيطه الإقليمى و العالمى بدأ القطاع الزراعى و خاصة شقه المروى يتأثر بهذه التغيرات، و ظهر ذلك فى تناقص مساهمته فى الإقتصاد القومى و تقادم التقنيات الإنتاجية و البنيات التحتية المستخدمة و زيادة عدم كفاءة النظام الزراعى المتبع من جهة و كذلك زيادة الطلب على المنتجات الزراعية للإستهلاك المحلى و الصادر و الحاجة لسياسات زراعية نظم تسويقية ملائمة من جهة ثانية. و لمقابلة هذه الإشكالات و وضع الحلول الناجعة لها، و كذلك تجاوباً مع مسؤليتها الإجتماعية نحو محيطها الجغرافى و مواطنيه و النشاط الإقتصادى الأهم فى المنطقة و هو الزراعة المروية، أنشأت جامعة الجزيرة و كليتها المعنية بالمجال الزراعى – كلية العلوم الزراعية – مركز دراسات مشروع الجزيرة ليطلع بمهام المساهمة فى توفير الحلول الناجعة لإشكالات مشروع الجزيرة.